الأربعاء، 5 مارس 2008

بوابة الثلاثين


أنا الآن أخطو نحو الثلاثين.. أشعر بأحاسيس غريبة.. عميقة.. متدفقة.. تنتابنى حالة سلام داخلى، ولكنى لست سعيدة وفقا لمفهومى القديم عن السعادة, ففى السابق كنت عندما أضحك أشعر بضحكاتى تزلزل كيانى.. كنت أرى تأثير سعادتى على كل من حولى, وبالمثل كان حزنى فى عنفوانه.. فكنت عندما أبكى تنهار الدموع من مقلتى, وتشعر الناظر إلىّ بأنى أقيم حداداً على الدنيا بأسرها, حتى وإن كان بكائى تعاطفا مع كلب جائع بلا مأوى.. كنت أحزن وأفرح لأتفه الأسباب.. أضحك وأبكى من مجرد النظرات، أما الآن فحالى مختلف.. قلت دموعى وبالمثل فعلت ضحكاتى، فدموعى أختزلت فى بريق عابر فى عينى.. وجلجلة ضحكاتى خمدت ولا يسمع منها إلا صداها.. ربما هذا هو سن الثلاثين.. ربما هذا هو بداية النضوج.
كانت طفولتى هى تجسيد للبراءة.. اللامسئولية.. اللعب.. الأحلام.. المدرسة.. عدم الفهم.. انتظار الغد.. الانطلاق.. عائلتى.. أقاربى.. صديقات المدرسة.. وكان صديقى الصدوق هو "ظاظا" عسكرى إنجليزى خشبى، حكيت له على امتداد سنوات طفولتى كل ما اعتقدت أنه من الأسرار.. وحلفته بالله ألا يفضح أسرارى التى تمثلت فى حبى للرقص وهروبى من بعض الحصص المدرسية، كى أذهب إلى بروفات فريق الرقص فى المدرسة وإعجابى بزميل لى فى الفصل (كنت أبلغ من العمر سبع سنوات) والحق يقال.. ظاظا –يوما- لم يفضحنى، بل كان نعم الصديق المصغى، وكانت جميع أرائه تلقى صدى فى نفسى، وكيف لا وأنا التى كنت أملى عليه ما أريد أن أسمعه!
تعديت الطفولة ودخلت طور المراهقة.. عالم اللاطفولة.. بدايات الأنوثة.. التمرد.. الحلم بالحبيب.. أحلام.. أحلام.. أحلام.. ولاختلاف أحلام مراهقتى عن أحلام طفولتى، لم يقدر "ظاظا" على لعب دور الصديق المثالى فى تلك الفترة من حياتى، فقررت البحث عن صديق آخر، فأنا الآن آنسة مبجلة.. أنا الآن أنثى.. أنا الآن أبحث عن الحب.. فصادقت "عم حزنبل" الذى استوحيته من فيلم "صغيرة على الحب"..
عم حزنبل.. فاعل خير.. دايما يحب يساعد الغير.. خصوصاً البنات الصغيرات الحالمات بعالم الحب، فكان عم حزنبل هو نافذتى على الأحلام.. ساعدنى على فك ضفائرى, والتخلص من مريلتى, ومنحنى فستانا قصيرا وحذاءا ذا كعب عال وأحمر شفاة (فى خيالى طبعا)، واصطحبنى إلى الكورنيش كى أقابل حبيبى المجهول الذى لم أتمكن يوما من كشف ملامح وجهه، فكنت أستمتع بكونه (الرجل الغامض بسلامته).. سمح لنا عم حزنبل بالتجول متشابكى أصابع اليدين.. والتناجى فى حب كل إحساسه هو ألم لطيف يحدث نغزة محببة أسفل المعدة.. لم أفهم معنى هذا الألم، ولكنه أربك كيانى ورحب بى فى عالم الأحباب، ولكن عم حزنبل كان يتدخل فى أوقات غريبة، فعندما كان حبييى المجهول يقبل على تقبيلى، أجد نفسى فى الحال فى غرفتى وحيدة، وعندما كنت أغضب من عم حزبنل لسخافته، كان يمسك بأذنى ويقرصها قائلاً: "إنتى لسه صغيرة يا بنوته.. ماتستعجليش"، فكرهت أفعاله ولم أقدر على التخلص منه، فكان هو بمثابة الرقيب والصديق.
دخلت مرحلة الشباب.. مرحلة فتح القلوب.. الحلم بوصول المدى وبداية المسؤوليات، واستغنيت عن عم حزنبل وابقيت على ظاظا "فمازلت الطفلة بداخلى تطلب صداقته"، وكانت تلك هى المرحلة الوردية للأحلام، ولكنها أحلام مرتبطة بالواقع، ففى تلك الفترة تعرفت على أحاسيس عدة، واكتشفت بعض العوالم السرية للمشاعر.. عرفت إحساس لمسة اليد.. عرفت حرقة الأنفاس اللاهثة عندما يدنو الحبيب منى ليناجينى همساً.. عرفت العديد من الأحاسيس، وتعرفت على الأنثى بداخلى.. كنت حالمة.. محبة للحياة، ومتفانية فى سبيل الحب.. مررت بتجربة الحب الأولى الفاشلة.. وانكسار القلب لأول مرة.. تلاه إنكسار القلب لثانى مرة.. ثم رحلة البحث عن العمل.. ومؤخراً رحلة البحث عن الذات.
الآن أبلغ من العمر ثلاثين عاما.. توقفت عن اتخاذ أصدقاء خشب وهجرت عالم عم حزنبل وصادقت الناس وعرفتهم عن قرب، وكسر قلبى عدة مرات.. كانت كل تجربة جديدة تفضح عمق سذاجة أحلام الطفولة والمراهقة.. فقدت إحساس الدهشة بالأشياء والعوالم الجديدة.. سقطت عنى غمامة غرور الشباب.. واجهت دنيا الواقع وتكسرت أحلامى البريئة على أعتابها، فرأيت أشياء كثيرة لم أحسب لها الحسبان فى مراحل عمرى الأولى. الآن أدرك أن الحياة لا تقام فقط على الأحلام، فأرى باب الثلاثينيات يُفتح أمامى وصوت رصين يرحب بى قائلاً: Welcome to the real world
وكأنى كنت أحيا فى فقاعة هواء ظننتها على مدار السنين بللورة كريستالية، أحتمى بها ولكن عندما فقأت، وجدت الأشياء لها نفس الشكل ولكنها مختلفة الجوهر، قفد كنت أرى بوضوح، وأدرك بحداثة سن، فكانت الأشياء جميعها كما رأيتها، ولكن بوقع مختلف، فالحب مؤلم والنجاح مرهق والسعادة المطلقة مجرد سراب.
قوى قلبى وفقدت برائتى, وحلت محلها ما يجوز تسميته بالنضوج المرحلى.. بكيت بحرقة عندما اكتشفت حالة النضج هذه.. فقبلها كنت أحلم بدنيا رحبة وأشعر أن قلبى يستطيع احتواء العالم بأسرة.. مؤلم هو إحساس النضج فى بواكير اكتشافه.. كنت أفضل أن أعيش حالمة ببراءة، ولكنى الآن أرغب فى التصالح مع الكون لأعيش بواقعية، وكل ما أرفضه فى دنيا الواقع هو الاستغناء عن "ظاظا".

هناك 8 تعليقات:

أحمد منتصر يقول...

حلوة أوي الخاطرة دية :)

غير معرف يقول...

mesh 3arfa 2a2olek eh .. eslobek very simple and veryyy deep at the same time .. really Touched me awyyyy
تحياتى .. احتراماتى

بنت جامده يقول...

حبيبة قلبى....مرحبا بك فى مصر
الدنيا اجمل اكيد ... بس مش هنا

Soooo يقول...

لا بقولك ايه
مالو سن التلاتين
مالو
ها
ها
ها
ده حتى سن التلاتين ده هو النضج الفكري والعقلي
انا عندي تلاتين سنه
ايه المشكله
ولا اي حاجه
هو بس شعري وقع
نظري ضعف
كرشي كبر
رجلي بقت بتوجعني لما اقف شويه
بانسى ساعات حاجات مهمة
القلب مش شغال بكفائته قوي
الرئه من كتر حرق السجاير تقريبا فنيخت
غير كده ولا حاجه خالص
كل شيء مستقل بذاته يعني

-----

قلبتي علي المواجع ليه بس
ليه بس

اقولك على حل للحالة اللي انتي وانا وغيرنا كتير فيها
الحل اننا نضحك
على اي حاجه نضحك
على كل حاجه نضحك
نقف قدام المرايه ونقعد نهيس ونضحك على تهيسنا
نتفرج على مشهد قديم من اي مسرحيه ولا فيلم ونضحك
نفضل نضحك ونضحك ونضحك
ويمكن الضحك ده يرجعلنا قلوبنا اللي شاخت ويخليها شباب




سلاموووووووووووووز

Tarek Elkhatib يقول...

سيظل كل واحد منا متمسك بعم ظاظا بتاعة لأنة الوحيد الباقى من عالم البرأة الخيالى!! لكنة ذهب وما ذهب لا يعود ابدآ
يا حنين يا ذكريات ياسنين أحلى الحاجات
نبكى العمر اللى جاى ولا العمر اللى فات
لو كان بأدينا كنا وقفنا سنين زماننا
ويضيع العمر مننا وتعيش الذكريات
,,,لكن برضة عاوز أقوللك
دة القلب ماهوش عجوز
يتعب ,,يحزن ,,يجوز
لكن لما يعوز يحلم ,,يرجع شباب

د/اجدع بنوته يقول...

انتى رائعه

بامانه ولشده

جذبتينى لعالمك السحرى

وقريت المدونه كلها ف ساعتين

محستش بيهم

سرقتى منى ساعتين م غير مااحس

حسيت بالجرح والفرح وضحكت وسخرت

واتأزمت ورجعت اتحلت

بجدددددددد ماشاء الله عليكى

عبير .. اسلوبك فاق الامكان بما كان

باذن الله هرجع اكتبلك كوينت ع كل حاجه

بس علشان بعيد عنك المزاكره بقى

ساعتين الريست خلصم

واكثر التدوينات اللى حبيتها هنا

هى التدوينه دى ..

ملحمه شخصيه وصفيه ولا اروع فعلا

شابوووووووووو و تحياتى

Dalia w Ahmed يقول...

فالحب مؤلم والنجاح مرهق والسعادة المطلقة مجرد سراب.
قوى قلبى وفقدت برائتى, وحلت محلها ما يجوز تسميته بالنضوج المرحلى

تحفة بجد... قلتي حاجات حاساها ومش عارفة أقولها... وجاوبتي على أسئلة بسألها لنفسي من فترة... كنت بسأل نفسي دايماً هو فين طعم الحياة؟ عندي كل حاجة أتمنيتها والحمدلله سعيدة بيها... بس مش هي دي السعادة اللي تخيلت أني هاحسها قبل ما يكون عندي كل اللي أتمنيته ... أحساس غريب بخاف أصارح بيه حد لا يقول عليا بتبطر...
بس انتي جاوبتيه صح... يمكن عشان كبرت ... اكيد عشان كبرت

Unknown يقول...

enty begad lamsty 7aga ana f3len 7asa byha this days wa mareet byha the failed in love story many times 2tgara7t 2wy wa keter wa delw2ty khalas ana dakhala 3ala 30 wa my heart cant say sad it's enough to feel 7alto eh after all that