الخميس، 11 ديسمبر 2008

رسائل - الجزء الرابع



سلبية
الساحل الشمالى فى منتصف يوليو 2008

أبى العزيز ... فؤاد...

أتمنى أن تصلك رسالتى وأنت فى أتم صحة وعافية. وأرجو أن لا يعصبك -كالمعتاد - مناداتى لك بوالدى.. ولكن حقا هذا هو شعورى.. فمنذ وفاة والدى -وحتى قبل وفاته- وأنت أبى الروحى ... هذا بالأضافة لكونك صديقى وحبيبى «وبطاطسيتى كمان»

آآآآه... لقد أتعبتنى القاهرة يا فؤاد.... وضقت بجوها الحار وأهلها غلاظ القلوب فقررت الهروب الى الساحل الشمالى. ولكن كل هذه الشكاوى لا تنفى إشتياقى لأحضانك الدافئة.. التى تشبه الوحى فى إحساسها... نعم يا أبى لديك حق فى كل كلمة ذكرتها فى رسالتك الأخيرة.. وأكتب لك لأعترف بخطأى من ساسى الى رأسى ..ولكنى سأقص عليك كيف دخل العربى الشحات الى منزلى..

لم تكن زيارته بدعوة منى ولكنه فرض نفسه على. ففى تلك الفترة التى كنت أنت خلالها فى باريس لزيارة زوجتك وولدك.. كان يتصل بى تليفونياً بين الآن والآخر لمتابعة حالة زوجته فى القصر العينى فكما تعلم هى مريضة سرطان وأنا عضوه نشطة فى جمعية لمكافحة هذا المرض اللعين ونقوم بعلاج بعض الحالات بالمجان وقد ساعدت زوجته فى عمل بعض الأشعة والتحاليل قبل عملية الإستئصال الأخيرة التى قامت بها.. وذات ليلة بعد خروج زوجته من المستشفى هاتفنى طالباً رؤيتى لأهدائى نسخة من الطبعة الثانية لروايته «مكتوب» وتعللت معتذرة بإنشغالى بعرض فيلمى الوثائقى الأخير لمجموعة من الأصدقاء فى منزلى.. فما كان منه الا أن قال: خلاص هاعدى عليكى وأتفرج معاكم على الفيلم وبالمرة أديلك الرواية

وهنا تكمن مصيبتى الكبرى يا فؤاد فأنا لا أعرف أن أقول لا... ولا أستطيع أحراج الناس .. فصمت وتلجلجت وفهم ردة فعلى على أنها موافقة ضمنية ودعوة صامتة ..حاولت التملص ولكن دون فائدة.. وفى النهاية قلت لروحى: خليه يجى وأصحابك هنا وأهو تتدارى فيهم وعلشان يعرف ان موضع أنه يعمل علاقة معاكى ده موضوع مستبعد تماماً ....وحضر العربى فى وسط أصدقائى ولكن فى حوالى الحادية عشرة والنصف مساءاً وقد كنت أبلغته أننا سنبدأ العرض فى تمام العاشرة... وبعد الإنتهاء من العرض فتح حوارات سفسطائية مفلطحة مع الحاضرين.. ولم يستطع أحد غيره التحدث فى هذه الليلة السوداء... ولقد ضايقنى إقتحامه لمنزلى ولكن سلبيتى حسمت الأمر فى تلك الليلة.. وأنصرف الجميع ماعدا سلمى صديقتى التى طلبت المبيت عندى ودخلت الى غرفة النوم مباشرة وطلبت منى إيقاظها قبل خروجى فى الصباح وخالد صديق سنوات المعهد ومساعد الأخراج فى الفيلم والأستاذ العربى الشحات.. وبدأت فى التثاؤب وكذلك خالد معلنين رغبتنا فى انهاء هذه الليلة ولكن لا حياة لمن تنادى يا أستاذى.. قاربت الساعة على الثانية بعد منتصف الليل والعربى مازال يتحدث عن أشعاره وقراءاته وكتبه .. ولمحت النوم يغازل عيون خالد فملت عليه طالبه منه ألا يغادر قبل أن يأخذ هذه المصيبة التى أحضرتها لنفسى معه...
ولا أحد بتحرك من مكانه.. فتفتق ذهنى عن حيلة سلبية مثلى فقلت :
طيب يا جماعة أنا هادخل أنام واعتبروا البيت بيتكم بس لو سمحتوا قبل ما تنزلوا حد يخبط عليا علشان أقوم أقفل باب الشقة وراكوا كويس... أصل الكالون بايظ ولازم يتقفل بالمفتاح

فاذا بالأستاذ العربى يسألنى: هو أنت ها تصحى بكره الساعة كام؟
صعقت من سؤاله وقلت متلجلجة: يعنى حوالى الساعة تمانية فقال: خلاص أنا هامدد هنا لغاية الصبح على الكنبة فى الأنتريه وأنت نازلة الصبح صاحينى علشان ميعاد آخر مترو فات من وقت طويل
نزلت على كلماته كالصاعقة.. واستغربت وقاحته.. ربما تشجع بفعل سلمى ولكن سلمى صدبقتى منذ سنوات وفتاة مثلى... أما هو فهذه أول مرة يدخل منزلى.. ولسنا بالأصدقاء المقربين .. فنحن مجرد معارف.. وأنا أسكن بمفردى.. فما كان منى الا أن سحبت خالد من يده الى المطبخ وتوسلت اليه الا ينزل من المنزل الا وفى يده هذه المصيبة الكحلى..
وبالعافية وافق خالد على البقاء حتى الصباح ودخلت غرفتى وأغلقت الباب من الداخل وأنا أرتعب من نطاعة هذا المخلوق أتعجب من أحوالنا جميعاً.. بدئاً من ضعفى وعدم قدرتى على طرده من منزلى أو إحراجه.. ربما أختلطت لدى الأمور بين موهبته كأديب وبين صداقته لك وبين حالة زوجته.. وأخذت أبرر له أختراقه لحياتى بأنه فى أوساطه هذا شئ طبيعى .. فهو كما يبيت فى منزلك اذا تأخر به الوقت ..يفعل المثل معى .. ولكن لا... هذا غير مسموح ولكن الخرس سيطر على ومنعنى حتى من الإنفعال بصوت عالٍ

أخذت أقرأ فى سريرى حتى الخيوط الأولى من الصباح والنوم يرفض ان يقابل جفونى.. وسلمى تشخر بجوارى غير مدركة لتوترى.. وفى السابعة صباحا خرجت من غرفتى يعد أن أيقظت سلمى وحكيت لها الأحداث التى فاتتها ... وخرجت الى الصالة لأوقظ خالد وكان العربى مستيقظا يعبث فى مكتبتى... وناديت على «أم شحته» حارسة العمارة «البوابة» كى تحضر لنا فول وطعمية وحضرت الشاى والقهوه للجميع .. وطلبت من سلمى أن تجارينى فيما سأفعله كى أخلى منزلى بعد أن لاحظت استرخاء الجميع بعد الفطور... وقلت:
أنا أسفة يا جماعة لازم ننزل كلنا من البيت دلوقتى علشان الباب ما بيتقفلش من بره لازم يتقفل بمفتاح... فماعلش لازم ننزل كلنا دلوقتى لأنى عندى محاضرة فى المعهد بعد ساعة

وخرج الجميع ورجعت الى غرفتى وبدلت ملابس ونمت بعد أن استعدت خصوصيتى...
ولكن هذا الموقف علمنى الكثير ... علمنى أن الخط الفاصل فى تقديرى للميدعين هو ثمن الكتاب الذى أشتريه لهم .. ولا بد من القصل بين الأنسان والمبدع ..... ولابد أن أتعلم قول لااااااااا

هارجع لما أستعيد شجاعتى

إمضاء
زينة

أصدقائى.... لاتعليق

هناك 3 تعليقات:

حواء يقول...

السلام عليكم
فعلا غريب جدا

غير معرف يقول...

لا لا مش ممكن
انا عينيا دمعت من كتر الضحك, النطاعه دى منتشرة قوى ,بس لما تشوفيها مكتوبة قدامك وبالتوصيف ده ,مش ممكن بجد ياعبير !!
أنا متأكده انى لو مكانها برضو مكنتش حعرف اتصرف تصرف تانى , يعنى مش ممكن حطرده او احسسه بقلة الذوق, لان عامل المفأجأه ان فى ناس زى دى لسه موجوده فى الدنيا يشل اى عقل عن التفكير..
يالا بقى اكتب بقية الرسايل انا مش قادره استنه :-)))

السنونو يقول...

من أو رسالة وعندى إحساس خفى إن الأفندى ده سمج
ومش متخيلة إن فيه أديب أو شاعر أو حتى قارئ جيد يكون بالشكل ده
وبرضه مش متصورة إن فيه حد زى زينة بيخاف يحرج ناس معدومة الإحساس أصلا
فيه برضه شئ لسه مش قادرة أوصله يمكن يبان بعد كده