الأربعاء، 30 يوليو 2008

أسطورة سائق البيجو



هذه ليست حكاية مع سائق تاكس.. بل هى حكاية غريبة حدثت لى وأنا فى عامى الأول الجامعى ... انتهت أحداثها فى «بيجو محافظات». بدأت الحكاية فى القاهرة.. فى مكتب دعاية وإعلان متواضع.. فى خلال الأجازة الدراسية حيث بدأت أولى محاولاتى للهاث وراء العمل وإثبات الذات.. كان اليوم هو الخميس.. موعد زيارتى الأسبوعية لأسرتى خارج زحام القاهرة.

اشارت الساعة الي الخامسة .. فبدأت فى لملمة أشيائى المبعثرة فى كل مكان واستعديت للانصراف. أستوقفنى احمد زميلي في المكتب وابلغنى انه يريد التحدث معى في موضوع ما. فوافقت ان يصطحبني الي محطة مصر سيرا علي الاقدام فمازال امامي ثلاث ساعات كاملة علي ميعاد القطار. وطوال الطريق من العباسية الي رمسيس كنا نتحدث ولا اتذكر مضمون الحوار ربما كان لا يوجد موضوع. ربما لم تكن أكثر من رغبة شاب و فتاة في الحوار والسير على الأقدام فى شوارع القاهرة. وصلنا محطة القطار فعرض على احمد ان نذهب الي كافيتيريا المحطة كي نشرب «أي شئ» قبل موعد مغادرة القطار. فراجعت نقودي ووجدت ان معي عشرون جنيها.. فحسبتها في مخي وقلت عشرة جنيهات تكفى لشرب «أى شئ» وعشرة جنيهات ثمن تذكرة القطار. فوجدت أن الحسبة تمام التمام... ورافقته الى الكافيتريا .. وشربنا «أى شئ» وتحدثنا فى «أى شئ» وحان ميعاد القطار فطلبنا الحساب واخرجت العشرين جنيها اليتيمة من حقيبتى كي ادفع حسابي.. ووضعتها فوق شيك الحساب في ذلك الطبق الأبيض الصغير . وجاء الجرسون وحمل الطبق بنقودى دون أن يدفع أحمد حسابه.. ورجع بباقى الحساب.. فقام أحمد شاكرا بمراجعه الحساب وتأكد من صحته و اخذ الجنيهات القليلة المتبقية ووضعها في جيبه!!!!

كان احمد مازال يتحدث وانا لا اسمعه.. فقط اري وجهه وشفتاه تتحركان.. ألقى بنظرى بين الحين والآخر الى جيب قميصه الاصفر الذي يظهر شبح نقودي من خلاله . كل ما يدور بذهنى هو كيف سأسافر الى عائلتى؟!.. شعرت بالخجل من ان احدثه عن الباقي.. ففعله وسلوكه صادم وغير متوقع فلجم لساني ولم انطق ... ولم يزل هو يتحدث... فقررت مقاطعته قائلة :انا مش هاركب القطر انا هاركب بيجو من احمد حلمي اصله ارخص ودلوقتي مش معايا فلوس كفاية..
فقام من مكانه وقال :ياللا هاوصلك لاحمد حلمي ...مشيت بجواره كالخرساء وانا اشعر اني امام كائن فضائي هلامي لا معالم له....وصلت الي البيجو وذهبت للسائق وقلت له:لوسمحت انا فلوسي ضاعت واهلي فب البلد اللي انت رايحها,ممكن اركب معاك ولما نوصل اديلك بطاقتي واروح اجيب فلوس من البيت وارجع علي طول.؟؟ فقال:اركبي يا بنتي.. .وتعالت اصوات باقي الركاب كل متطوع لدفع اجرتي .وعندما وصلت اخرجت بطاقتى الشخصية قائلة:5دقايق هارجع لحضرتك بالفلوس .فرد السائق يدى وحلف يمين طلاق بالتلاتة مانا سايبة البطاقة ولا راجعة بالفلوس ..

اليوم وأنا أسترجع هذا الموقف.. أشعر بسخط عظيم تجاه هذا الأحمد .. فقد كان فى منتصف العشيرنات من العمر وكنت صغيرة السن لا أملك الجرأة الكافية للتصدى لأنطاع الحياة من أمثاله.. لو حدث لى هذا الموقف الآن لما ترددت ثانية أن أطلب منه أن يدفع حسابه ويأن عطينى باقى نقودى. ولكن الموقف كان صادما لطفلة لم تتعدى السابعة عشر من عمرها..

والموقف الآخر لسائق البيجو.. هو الأهم هنا.. هذه هى الشهامة المعروفة عن أبناء مصر فى الأجيال القديمة.. أما جيلى وجيل أحمد فهذه الشهامة المزعومة ..أصبحت مجرد أساطير.

هناك 6 تعليقات:

انسان وبس ! يقول...

متظلميش جيلك كله

صوابعك مش زى بعضها

ونعيب زماننا والعيب فينا ... الى اخره

TAFATEFO يقول...

ممم .. أنطاع الحياه كثر .. في كل جيل
والشهامه موجوده في كل جيل

غير معرف يقول...

بكل المقاييس بوست اكتر من رائع
بس ازاي تسكتي اقل واجد تاخدي احمد ده قلمين ايه الاستهبال ده يعني شرب اي حاجه علي حسابك كمان ياخد الباقي كده زودها
بس فعلآ السواق ده في منه كتير اوي في مصر و يمكن الناس دول هما احلي حاجه في البلد

تحياتي

r يقول...

مدونتك جميله اوى
بس انا اتعرفت عليكى من مقالات الدستور قبل هنا
شوفى انا لو مكانك واعرف حد زى احمد افندى دا وعمل كدا معلش دا ما فى دم ولا اى حاجه عايز فعلا قلمين زى ما قريت فى تعليق قبلى
بس بردوا الشهامه موجوده هى قليله بس موجوده بدليل وجود شباب تقفللك فى المواصلات او توسعللك علشان تعدى كويس
حاجات كتيره بس الناس الوحشه اكتر بمراحل
بالنسبه للموضوع الرئيسى لسائق التاكسى هو عمل كدا علشان راجل محترم ويعرف ربنا وقد بالذات قليل جدا جدا فى السواقين
الى الامام يا عبير

Ahmad Abdulatif يقول...

أقسم لك أن حكايتك أضحكتني بشدة ، فموقف صديقك يعد جزء من فيلم كوميدي بارع ، إنها كوميديا الموقف ، أما نظراتك الي جيبة وقميصه ، ولهفتك علي الباقي ، وسيرك بجواره لأحمد حلمي وهو كائن هلامي ن فكل ذلك يبعث علي الضحك
.
لك تحياتي

~ رُوح ~ يقول...

استرعى اهتمامي ترفّعك عن توضيح حاجتك لمالك في تلك اللحظة ...راقية أختي

وكما أنك كنتِ صغيرة وقتها ولاتعرفين كيف تتصرّفين مع شاكلة هالأحمد ، فأظن أنه كان صغيراً أيضا ولم يقدّر خطورة الموقف ....لكن الطبع غلاّب

استمتعت بمدوّنتك الجميلة