
هل لاحظتم أن القاهرة لم تعد تعانى من الإختناق المزمن فى المرور؟!
هل لاحظتم أن مشكلة السمنة التى يعانى منها أكثر من ستين فى المائة من
الشعب المصرى فى طريقها الى الإنتهاء؟
هل لاحظتم إقلاع الكثيرين عن التدخين فى الفترة الإخيرة؟
دعونا نبدأ بأزمة المرور التى أصبحت مجرد ماضى أليم: فلقد اقتصرت ساعات
الذروة المرورية فى الصباح الباكر من الثامنة صباحا حتى العاشرة حين يخرج
المواطنون الى أشغالهم.. وبطبيعة الحال عند عودتهم الى منازلهم من الساعة
الخامسة عصرا حتى السابعة مساءً. فيما عدا ذلك لم تعد شوارع القاهرة
تعانى من الإحتضار .
هل تعلمون السر فى ذلك؟! إنه إزدياد سعر البنزين..
فعندما شكل البنزين عائق على أصحاب السيارات الملاكى..أقلع الشباب
التلفان عن اللف والدوران فى الشوارع بدون غاية.
أما سائقى التاكسى -حبايبى- فبازدياد سعر البنزين قرروا ان يستغلوا
خبرتهم العظيمة فى السواقة.. وساقوا الهبل على الشيطنة فى أجرتهم التى
يستقطعوها من لحم الزبائن. فآصبح زبون التاكسى -وانا منهم- يفكر بدل
المرة عشرة قبل الذهاب الى أى مشوار إختيارى (غير إجبارى) فبند التاكسى
تستقطع قدر لا بأس به من مرتباتنا الهزيلة.
ومن المؤكد ان سائقى الميكروباص -حتى وان كانت سياراتهم نظام غاز أو
ديزل- قد انتهزوا هذه الفرصة التى لا تعوض لرفع الأجرة على الركاب.
واجبر المواطن المصرى البسيط على دفع ما يقرب من ضعفى الأجرة المعتادة فى
أتفه المشاوير.. فأصبح البقاء فى المنزل - فيما عدا أوقات العمل - هو
هواية المصريين الأولى هذه الأيام.. وعادت هواية أخرى للظهور على الساحة
المصرية وهى المشى حين تكون المسافات قصيرة أو متوسطة لتوفير أجرة
الميكروباص التى وصلت الى خمسة وسبعون قرشا بين محطتين متتاليتين فى
شارع فيصل أو الهرم على سبيل المثال. ومن هنا بدأت مشكلة السمنة فى
الإضمحلال وليس السير للإقتصاد فى بند المواصلات هو السبب الأوحد لبداية
حل مشكلة السمنة فى مصر فالعامل الأساسى لهذه النقطة هو أرتفاع الأسعار
وبالأخص أسعار السلع التموينية التى دفعت بالغالبية العظمى من المصريين
للإقتصاد فى طعامهم.. لى صديقة تعمل مصممة جرافيك فى شركة كبرى متزوجة من
طبيب إمتياز ولديها ابن غاية فى الجمال عمره أربع سنوات قالت لى فى ظل
شكواها من ارتفاع الأسعار:
-عارفه ايه اللى مقطع قلبى فى موضوع الغلاء ده انى ما بقتشى أقدر أأكل
ابنى لحمه بشكل منتظم لازم لنموه.. دى حاجة تجنن والله العظيم
ولنعود للجانب المشرق مرة أخرى فعندما اقتصد المصريين فى طعامهم خسوا
كتير .. يالا أهو منها ترشيد استهلاك ومنها رجيم .. لااااا.. وكمان نبقى
زى الغزلان ونرجع ننافس على الساحة العربية بدل ما اللبنانين واكلين
الجو..
أما التدخين فقد أصبح درب من دروب الرفاهية لا يقدر عليها الجميع. خصوصا
بعد القفزة اللولبية لأسعار السجائر سواء المستوردة أو المحلية. ورأى
البعض تلك الجملة المكتوبة على علب السجائر "التدخين يضر بالصحة ويؤدى
الى الوفاة" فأقلعوا عن التدخين متعللين بارتفاع أسعار السجائر.
نستنتج من كل هذه الظواهر الذكاء الخارق للحكومة المصرية فى حل أزماتها
المستعصية. رفعت سعر البنزين فقضت على مشكلة القاهرة الاعظم على مدار
ربع قرن والمتمثلة فى أزمة المرور .. رفعت الدعم عن السلع التموينية
وضخمت الأسعار فقضت على مشكلة السمنة.. .قلصت عدد المدخنين بخطة نميسة
عندما رفعت أسعار السجائر لتنقى هواء مصرنا الحبيبة
هل عرفتم الآن أن الحكومة قلبها علينا