الاثنين، 19 مايو 2008

إبتزاز عاطفى


قى طريق عودتى الى منزلى بعد يوم عمل طويل ... كان الجو حارا جدا.. فأخرجت زجاجة مياة معدنية كى أبلل ريقى. فتطر لى سائق التاكسى الذى أستقله.. فارتبكت وسقطت بضع قطرات من المياة على ذقنى وملابسى فقال:
- على مهلك يا بنتى..شرب الميه صحة.. ربنا ما يحرمك من صحتك
- شكرا ..( واستوققتنى طيبة واضحة فى صوته)
- أنا عندى بنت حلوة زيك كده.. (بصوت مختنق .. يوشك على البكاء)
لم أجد ما أقوله أمام نبرة صوته .. ولكن ملامح وجهه زادت أسى .. فحاولت تخفيف حدة الموقف فقلت ضاحكةً:
-وهو اللى عتده بنت زيى .. يزعل بالشكل ده؟!!!
فشرد ببصره بعيدا .. وكأنه يحكم لجام روحه كى لا تنهزم دموعه أمامى وقال:
- أصل بنتى -ربنا يحوش عنك- عندها فشل كلوى.. والميه جزء من علاجها.. ولازم تشرب ميه معدنية ... علشان كده فكرتينى بيها
- ربنا يشفيها ...
- أن شاء الله ...بس العلاج غالى قوى يقطم الوسط.. وأنا سواق تاكسى غلبان.. على باب الله.. آآه.. الدنيا مرة والله يا بنتى
واستطرد فى الحديث بنبرة صوت مثل السكين الذى يستهدف الوجيعة.. وفتح لى بوابات نكد وحزن وأسى على حال
المصريين فى حربهم ضد الحياة .. وحدثنى عن مآسىه مع المستشفى.. وارتفاع أسعار الدواء وضيق ذات اليد.. وظلت كلماته وجمله تحترقنى لتفتح الطريق لتنهداتى لتعمق احساسى بأزمته التى هى أزمه كل مواطن مصرى غلبان .. ومرض ابنته الذى قد يصيت أياً منا بين ليلة وضحاها..
عندما نزلت من التاكسى.. طلبت منه أن يتوجه الى نفس المكان الذى استقليت منه التاكسى.. ويذهب الى مقر عملى.. وهناك سيجد مظروفا باسمه لدى الأمن.. وأخذت رقم هاتفه المحمول كى أطمئن على ابنته.. وبمجرد نزولى من التاكسى هاتقت محاسب الشركة التى أعمل بها وطالبته بتجهيز مبلغ باسم السائق ويضعه فى مظروف ويتركه فى الأمن على أن يخصم من راتبى للشهر المقبل.. ومر اليوم..وانقضى الشهر.. وكنت قد نسيت السائق تماما -هكذا حال الدنيا- ولكنه عاد الى ذاكرتى عند لحظة قبض المرتب عندما وجدته ناقص.
عند هذه اللحظة فقط راودنى شعور دفين بأنى قد تم استغفالى.. لا أدرى من أين أتانى هذا الشعور.. ولكنه تفجر بداخلى بدون أدنى سبب.. فهاتفت السائق.. وذكرته بنفسى.. وسألت عن حاله وحال ابنته.. وطالبته أن يمر بمكتبى وسيجد مظروف آخر باسمه فى الأمن. فتهللت أساريره ومطرنى بسيل من الدعاء وأكد على أنه سيحضر فى نفس اليوم.. ولكنى طالبته فى آخر لحظة أن يحضر لى تقرير عن حالة ابنته أو بعض روشتات الدواء كى أجمع له ثمن الدواء من بعض فاعلى الخير... كانت مجرد وسيلة للتأكد من مدى صحة روايته.. وانهى المكالمة بشكل فجائى.. ولم يحضر للشركة لأخذ المظروف الثاتى.. وبعد عدة أيام طلبت رقمه.. فأغلق الخط فى وجهى...

عند هذا الحد انتهت صدبقتى ندى من سرد حكايتها مع سائق التاكسى الذى ابتز مشاعرها.. بالرغم من أتها شخصية «أروبة جداً» و خداعها ليس من السهل على الإطلاق. ولكن السر يكمن فى أن والد ندى قد توفى منذ عامين بعد صراع طويل مع الفشل الكلوى.
بالطبع لم يكن السائق يعلم هذه المعلومة ولكن ندى هى التى كان لديها نقطة ضعف جاهزة للإختراق.

إبتزاز المشاعر.. لعبة قديمة يمارسها سائقى التاكسى مع البنات.. ولكن حرفيتها تكمن فى الأبتكار والذكاء فى اللعب على نقطة ضعف الضحية المتمثلة فى رهافة الحس.

هناك 8 تعليقات:

ali يقول...

انا عارف ان انتى مش بتردى على التعليقات بس على الاقل بتقرأيها
انا حبيت بس اقولك ان مدونتك اكثر من رائعة وانا متابعها باستمرار وناس كتيرة جدا مع انى متحفظ على بعض آرائك الا ان اسلوبك فى الكتابة يصل الى اعماق القلب
تحياتى ليكى واستمرى
على حب

غير معرف يقول...

اعتقد انها نفس الفكرة مجتمع مشوة ودة جزى من التشوة اللى جوانا سواء فى الفكرة والتصرف او حتى فى الحكم على الاشياء.... وفعلا لية يا عبير مش بتردى على التعليقات ؟

bleed يقول...

اه من ذلك الاسلوب الرخيص الذى يلجأ إليه الكثيرين ليبتزوا اموال رقيقى القلوب ودون وجه حق وذلك بإستعطاف قلوبهم نحو قصص خادعة ماكرة ..هؤلاء الذين ليس عنهم ذرة من ضمير يستبيحوا لأنفسهم أخذ اموال الناس بذلك الاسلوب الدنئ أقول لهم أفعلوا ما شئتم فكما تدينوا تدانوا وإن ربك لبالمرصاد .

I would like to thank my friend Iman .. .. I was pleased your invitation and I would like to invite you to visit my blog
http://bleed-1.blogspot.com/
or
http://bleed.jeeran.com/

I thank you once again Iman

Sincere
hossam

Abeer Soliman يقول...

على...
أنا برد أحيانا لما يبقى فى رد أقوله.. بس فى كتير من الأوقات ببقى قلت وجهة نظرى وأنا بكتب.. علشان كده بحس انى هبقى بعيد نفس الكلام مرة تاتية..
عموماً أنا آسفة لو ردى المتأخر عليك ضايقك.. بس الأكيد أنى كل يوم بتابع كل كلمة بتتكتب فى التعليقات..
أتمنى لكم يوم مشرق ومبهج

عبير

ali يقول...

انا كنت داخل اشوف لو فيه بوست جديد
لقيتك رديتى على تعليقي
متشكر على اهتمامك وانا مش متضايق خالص وفى انتظار البوست الجديد
تحياتى ليكى
واتمنى لكى نفس الاشراق والبهجة فى كل ايامك
على حب

abderrahman يقول...

في العادة بيمهد سائق التاكسي قبل ما يطلب أجرة مبالغ فيها بسرد حكايات عن ارتفاع الاسعار ومصاريف الصيانة..الخ
لكن بنتي عندها فشل كلوي، وابني هغيرله صمام في القلب، قديييييمة، وان حد يقع في الفخ ده... دي حاجة أقدم

بلوجك حلو
تحياتي

يوميات فنانه مفروسه جداا يقول...

استمعت قوي بالمدونه كلها الله علي المدونه وصاحبة المدونه
موضوع التاكسي بقي ده حكايه تانيه ومليانيين استغلال مع وجود قله محتره

اول زياره وهكررها تاني ده بعد اذنك طبعا
تقبلي مروري
سلام

Waleed Fareed يقول...

مش عارف من أول وهلة
حسيت انو نصاب محترف بس قلت يارب اكون غلطان
علي العموم هيا كسبت
تحياتي